فصل: الفصل الخامس: تشريح الأسنان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الخامس: تشريح الأسنان:

أما الأسنان في اثنان وثلاثون سناً وربما عدمت النواجذ منها في بعض الناس وهي الأربعة الطرفانية فكانت ثمانية وعشرين سناً فمن الأسنان ثنيتان ورباعيتان من فوق ومثلها من أسفل للقطع ونابان من فوق ونابان من تحت للكسر وأضراس للطحن من كل جانب فوقاني وسفلاني أربعة أو خمسة فجملة ذلك اثتان وثلاثون أو ثمانية وعشرون.
والنواجذ تنبت في الأكثر في وسط زمان النمو وهو بعد للبلوغ إلى الوقوف وذلك أن الوقوف قريب عن ثلاثين سنة ولذلك تسمى أسنان الحلم.
وللأسنان أصول ورؤوس محددة تركز في ثقب العظام الحاملة لها من الفكين وتنبت على حافة كل ثقبة زائدة مستديرة عليها عظيمة تشتمل على السن وتشده.
وهناك روابط قوية وما سوى الأضراس فإن لكل واحد منها رأساً واحدا.
وأما الأضراس المركوزة في الفك الأسفل فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس رأسان وربما كان وخصوصا للناجذين ثلاثة أرؤس وأما المركوزة في الفك الأعلى فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس ثلاثة أرؤس وربما كان- وخصوصاً للناجذين- أربعة أرؤس وقد كثرت رؤوس الأضراس لكبرها ولزيادة عملها وزيد للعليا لأنها معلقة والنقل يجعل ميلها إلى خلاف جهة رؤوسها.
وأما السفلى فثقلها لا يضاد ركزها وليس لشيء من العظام حس البتة إلا الأسنان.
قال جالينوس: بل التجربة تشهد أن لها حسا أعينت به بقوة تأتيها من الدماغ لتميز أيضاً بين الحار والبارد.

.الفصل السادس: الصلب:

مخلوق لمنافع أربع: أحدها ليكون مسلكاً للنخاع المحتاج إليه في بقاء الحيوان لما نذكره من منفعة النخاع في موضعه بالشرح.
وأما ههنا فنذكر من ذلك أمر مجملاً وهو أن الأعصاب لو نبتت كلها من الدماغ لاحتيج أن يكون الرأس أعظم مما هو عليه بكثير ولثقل على البدن حمله وأيضاً لاحتاجت العصبة إلى قطع مسافة بعيدة حتى تبلغ أقاصي الأطراف فكانت متعرضة للآفات والانقطاع وكان طولها يوهن قوتها في جذب الأعضاء الثقيلة إلى مباديها فأنعم الخالق عز اسمه بإصدار جزء من الدماغ وهو النخاع إلى أسفل البدن كالجدول من العين ليوزع منه قسمة العصب في جنباته وآخره بحسب موازاته ومصاقبته للأعضاء ثم جعل الصلب مسلكاً حريزاً له والثانية أن الصلب وقاية وجُنَة للأعضاء الشريفة الموضوعة قدامه ولذلك خلق له شوك وسناسن.
والثالثة أن الصلب خلق ليكون مبني لجملة عظام البدن مثل الخشبة التي تهيأ في نجر السفينة أولا، ثم يركز فيها ويربط بها وسائر الخشب ثانياَ ولذلك خلق الصلب صلباً.
والرابعة ليكون لقوام الإنسان استقلال وقوام وتمكن من الحركات إلى الجهات ولذلك خلق الصلب فقرات منتظمة لا عظماً واحداً ولا عظاماً كثيرة المقدار وجعلت المفاصل بين الفقرات لا سلسة توهن القوام ولا موثقة فتمنع الانعطاف.

.الفصل السابع: تشريح الفقرات:

فنقول: الفقرة عظم في وسطه ثقب ينفذ فيه النخاع والفقرة قد يكون لها أربع زوائد يمنة ويسرة ومن جانبي الثقب ويسمى ما كان منها إلى فوق شاخصة إلى فوق وما كان منها إلى أسفل شاخصة إلى أسفل ومنتكسة وربما كانت الزوائد ستا، أربعة من جانب واثنان من جانب.
وربما كانت ثمانية والمنفعة في هذه الزوائد هي أن ينتظم منها الاتصال بينها اتصالاً مفصلياً بنقر في بعضها ورؤوس لقمية في بعض وللفقرات زوائد لا لأجل هذه المنفعة ولكن للوقاية والجنة والمقاومة لما يصاك ولأن ينتسج عليها رباطات وهي عظام عريضة صلبة موضوعة على طول الفقرات.
فما كان من هذه موضوعاً إلى خلف يسمّى شوكاً وسناسن وما كان منها موضوعاً يمنة ويسرة يسمى أجنحة.
وإنما وقايتها لما وضع أدخل منها في طول البدن من العصب والعروق والعضل.
ولبعض الأجنحة وهي التي تلي الأضلاع خاصة منفعة وهي أنها تتخلق فيها نقر ترتبط بها رؤوس الأضلاع محدبة بتهندم فيها.
ولكل جناح منها نقرتان ولكل ضلع زائدتان محدبتان.
ومن الأجنحة ما هو ذو رأسين فيشبه الجناح المضاعف وهذا في خرزات العنق وسنذكر منفعته.
وللفقرات غير الثقبة المتوسطة ثقب أخرى لسبب ما يخرج منها من العصب وما يدخل فيها من العروق فبعض تلك الثقب يحصل بتمامها في جرم الفقرة الواحدة وبعضها يحصل بتمامها في فقرتين بالشركة ويكون موضعها الحد المشترك بينهما وربما كان ذلك من جانبي فوق وأسفل معاً وربما كان من جانب واحد وربما كان في كل واحدة من الفقرتين نصف دائرة تامة وربما كان في إحداهما أكبر منه وفي الأخرى أصغر وإنما جعلت هذه الثقبة عن جنبتي الفقرة ولم تجعل إلى خلف لعدم الوقاية لما يخرج ويدخل هناك ولتعرضه للمصًادمات ولم تجعل إلى قدام وإلا لوقعت في المواضع التي عليها ميل البدن بثقله الطبيعي وبحركاته الإرادية أيضاً وكانت تضعفها ولم يمكن أن تكون متقنة الربط والتعقيب وكان الميل أيضاً على مخرج تلك الأعصاب يضغطها ويوهنها.
وهذه الزوائد التي للوقاية قد يحيط بها رباطات وعصب يجري عليها رطوبات وتملس وتسلس لئلا تؤذي اللحم بالمماسة.
والزوائد المفصلية أيضاً شأنها هذا فإنها يوثق بعضها ببعض إيثاقاً شديداَ بالتعقيب والربط من كل الجهات إلا أن تعقبها من قدام أوثق ومن خلف أسلس لأن الحاجة إلى الانحناء والانثناء نحو القدام أمس من الانعطافُ والانتكاس إلى خلف ولما سلست الرباطات إلى خلف شغل الفضاء الواقع لا محالة هناك وإن قل برطوبات لزجة ففقرات الصلب بما استوثق من تعقيبها من جهة إستيثاقاً بالإفراط كعظم واحد مخلوق للثبات والسكون وبما سلست من جهة كعظام كثيرة مخلوقة.

.الفصل الثامن: منفعة العنق وتشريح عظامه:

العنق مخلوق لأجل قصبة الرئة وقصبة الرئة مخلوقة لما نذكر من منافع خلقها في موضعه.
ولما كانت الفقرة العنقية- وبالجملة العالية- محمولة على ما تحتها من الصلب وجب أن تكون أصغر فإن المحمول يجب أن يكون أخف من الحامل إذا أريد أن تكون الحركات على النظام الحكمي.
ولما كان أوّل النخاع يجب أن يكون أغلظ وأعظم مثل أول النهر لأن ما يخص الجزء الأعلى من مقاسم العصب كثر مما يخص الأسفل وجب أن تكون الثقب في فقار العنق أوسع.
ولما كان الصغر وسعة التجويف مما يرقق جرمها وجب أن يكون هناك معنى من الوثاق يتدارك به ما برهنه الأمران المذكوران فوجب أن يخلق أصلب الفقرات.
ولما كان جرم كل فقرة منها رقيقاً خلقت سناسنها صغيرة فإنها لو خلقت كبيرة تهيأت الفقرة للانكسار وللآفات عند مصادمة الأشياء القوية لسنسنتها.
ولما صغرت سنسنتها جعلت أجنحتها كباراً ذوات رأسين مضاعفة.
ولما كانت حاجتها إلى الحركة أكثر من حاجتها إلى الثبات إذ ليس إقلالها للعظام الكثيرة إقلال ما تحتها فلذلك أيضاً سلست مفاصل خرزتها بالقياس إلى مفاصل ما تحتها ولأن ما يفوتها من الوثاقة بالسلاسة قد يرجع إليها مثله أو كثر منه من جهة ما يحيط بها ويجري عليها من العصب والعضل والعروق فيغني ذلك عن تأكيد الوثاقة في المفصال.
ولما قلّت الحاجة إلى شدّة توثيق المفاصل وكفى المقدار المحتاج إليه بما فعل لم تخلق زوائدها المفصلية الشاخصة إلى فوق وأسفل عظيمة كثيرة العرض كما للواتي تحت العنق بل جعلت قواعدها أطول ورباطاتها أسلس وجعل مخارج العصب منها مشتركة على ما ذكرنا إذ لم تحتمل كل فقرة منها لرقتها وصغرها وسعة مجرى النخاع فيها ثقباً خاصة إلا التي نستثنيها ونبين حالها.
فنقول الآن: إن خرز العنق سبع بالعدد فقد كان هذا المقدار معتدلاً في العدد والطول ولكل واحدة منها- إلا الأولى- جميع الزوائد الإحدى عشرة المذكورة سنسنة وجناحان وأربع زوائد مفصلية شاخصة إلى فوق وأربع شاخصة إلى أسفل وكل جناح ذو شعبتين.
ودائرة مخرج العصب تنقسم بين كل فقرتين بالنصف لكن للخرزة الأولى والثانية خواص ليست لغيرهما ويجب أن تعلم أولاً أن حركة الرأس يمنة ويسرة تلتئم بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الأولى وحركتها من قدام ومن خلف بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الثانية فيجب أن نتكلم أولاً في المفصل الأول فنقول: إنه قد خلق على شاخصتي الفقرة الأولى من جانبيه إلى فوق نقرتان يدخل فيهما زائدتان من عظم الرأس فإذا ارتفعت إحداهما وغارت الأخرى مال الرأس إلى الغائرة ولم يمكن أن يكون المفصل الثاني على هذه الفقرة فجعل له فقرة أخرى على حدة وهي التالية وأنبت من جانبها المتقدم الذي إلى الباطن زائدة طويلة صلبة تجوز وتنفذ في ثقبة الأولى قدام النخاع.
والثقبة مشتركة بينهما وهي- أعني الثقبة من الخلف إلى القدام- أطول منها ما بين اليمين والشمال وذلك لأن فيما بين القدام والخلف نافذان يأخذان من المكان فوق مكان النافذ الواحد.
وأما تقدير العرض فهو بحسب أكبر نافذ واحد منهما وهذه الزائدة تسمى السن وقد حجب النخاع عنها برباطات قوية أنبتت لتفرز ناحية السن من ناحية النخاع لئلا يشدخ السن النخاع بحركتها ولا يضغطه ثم إن هذه الزائدة تطلع من الفقرة الأولى وتغوص في نَقرة في عظم الرأس وتستدير عليها النقرة التي في عظم الرأس وبها تكون حركة الرأس إلى قدام من خلف.
وهذه السن إنما أنبتت إلى قدام لمنفعتين: إحداهما لتكون أحرز لها والثانية ليكون الجانِب الأرق من الخرزة داخلاً لا خارجاً.
وخاصية الفقرة الأولى أنها لا سنسنة لها لئلاّ تثقلها ولئلاّ تتعرض بسببها للآفات فإن الزائدة الدافعة عما هو أقوى هي بعينها الجالبة للكسر والآفات إلى ما هو أضعف وأيضاً لئلا يشدخ العضل والعصب الكثير الموضوع حولها مع أن الحاجة ههنا إلى شوك واقٍ قليلة وذلك لأن هذه الفقرة كالغائصة المدفونة في وقايات نائية عن منال الآفات.
ولهذه المعاني عريت عن الأجنحة وخصوصاً إذا كانت العصب والعضل أكثرها موضوعاً بجنبها وضعاً ضيقاً لقربها من المبدأ فلم يكن للأجنحة مكان.
ومن خواص هذه الفقرة أن العصبة تخرج عنها لا عن جانبيها ولا عن ثقبة مشتركة ولكن عن ثقبتين فيها تليان جانبي أعلاها إلى خلف لأنه لو كان مخرج العصب حيث تلتقم زائدتي الرأس وحيث تكون حركاتهما القوية لتضر بذلك تضرراً شديداً وكذلك لو كان إلى ملتقم الثانية لزائدتيها اللتين تدخلان منها في نقرتي الثالثة بمفصل سلس متحرّك إلى قدام وخلف ولم تصلح أيضاً أن تكون من خلف ومن قدام للعلل المذكورة في بيان أمر سائر الخرز ولا من الجانبين لرقة العظم فيهما بسبب السنّ فلم يكن بدّ من أن تكون دون مفصل الرأس بيسير وإلى خلف من الجانبين أعني حيث تكون وسطاً بين الخلف والجانب فوجب ضرورة أن تكون الثقبتان صغيرتين فوجب ضرورة أن يكون العصب دقيقاً.
وأما الخرزة الثانية فلما لم يمكن أن يكون مخرج العصب فيها من فوق حيث أمكن لهذه إذ كان يخاف عليها لو كان مخرج عصبها كما للأولى أن ينشدخ ويترضض بحركة الفقرة الأولى لتنكيس الرأس إلى قدام أو قلبه إلى خلف ولا أمكن من قدام وخلف لذلك ولا أمكن من الجانبين وإلا لكان ذلك شركة مع الأولى ولكان النابت دقيقاً ضرورة لا يتلافى تقصير الأول ويكون الحاصل أزواجاً ضعيفة مجتمعة معاً ولكان أيضاً يكون بشركة مع الأولى واتضح عذر الأولى في فساد الحال لو تثقبت من الجانبين فوجب أن يكون الثقب في الثانية في جانبي السنسنة حيث يحاذي ثقبتي الأولى ويحتمل جرم الأولى المشاركة فيهما.
والسن النابت من الثانية مشدود مع الأولى برباط قوي ومفصل الرأس مع الأولى ومفصل الرأس والأولى معا مع الثانية أسلس من سائر مفاصل الفقار لشدّة الحاجة إلى الحركات التي تكون بهما وإلى كونها بالغة ظاهرة وإذا تحرك الرأس مع مفصل إحدى الفقرتين صارت الثانية ملازمة لمفصلها الآخر كالمتوجه حتى إن تحرك الرأس إلى قدام وإلى خلف صار مع الفقرة الأولى كعظم واحد وإن تحرك إلى الجانبين من غير تأريب صارت الأولى والثانية كعظم واحد فهذا ما حضرنا من أمر فقار العنق وخواصها.

.الفصل التاسع: تشريح فقار الصدر:

فقار الصدر هي التي تتصّل بها الأضلاع فتحوي أعضاء التنفس وهي إحدى عشرة فقرة ذات سناسن وأجنحة وفقرة لا جناحان لها فذلك إثنتا عشرة فقرة وسناسنها غير متساوية لأن ما يلي منها الأعضاء التي هي أشرف هي أعظم وأقوى وأجنحة خرز الصدر أصلب من غيرها لاتصال الأضلاع بها والفقرات السبعة العالية منها سناسنها كبار وأجنحتها غلاظ لتقي القلب وقاية بالغة فلما ذهبت جسومها في ذلك جعلت زوائدها المفصلية الشاخصة قصاراً عراضاً وما فوق ذلك دون العاشرة فإن زوائد المفصلية الشاخصة إلى فوق هي التي فيها نقر الإلتقام والشاخصة إلى أسفل يشخص منها الحدبات التي تتهندم في النقر وسناسنها تنجذب إلى أسفل.
وأما العاشرة فإن سناسنها منتصبة مقببة ولزوائدها المفصلية من كلا الجانبين نقر بلا لقم فإنها تلتقم من فوق ومن تحت معاً ثم ما تحت العاشرة فإن لقمها إلى فوق ونقرها إلى أسفل وسناسنها تتحدب إلى فوق.
وسنذكر منافع جميع هذا بعد وليس للفقرة الثانية عشرة أجنحة إذ شدّة الحاجة بسبب الأضلاع ناقصة.
وأما الوقاية فقد دبر لها وجه آخر يجمع الوقاية مع منفعة أخرى.
وبيان ذلك: إن خرزات القطن احتيج فيها إلى فضل عظم وفضل وثاقة مفاصل لإقلالها ما فوقها واحتيج إلى أن تجعل النقر واللقم في المفاصل أكثر عدداً وضوعف زوائد مفاصلها واحتيج إلى أن تجعل الجهة التي تليها من الثانية عشرة متشبهة بها فضوعف زوائدها المفصلية فذهب الشيء الذي كان يصلح لأن يصرف إلى الجناح في تلك الزوائد ثم عرضت فضل تعريض وكان يشبه ما استعرض منها الجناح فاجتمعت المنفعتان معاً في هذه الخِلقة.
وهذه الثانية عشرة هي التي يتصل بها طرف الحجاب فأما ما فوق هذه الخرزة فكان عرضها يغني عن هذا الاستيثاق في تكثير الزوائد المفصلية بل عظم ما ينبت منها من السناسن والأجنحة فشغل جرمها عن ذلك ولما كان خرز الصدر أعظم من خرز العنق لم تجعل الثقب المشتركة منقسمة بين الخرزتين على الإستواء بل درج يسيراً يسيراً بأن زيد في العالية ونقص من السافلة حتى بقيت الثقب بتمامها في واحدة ونهاية ذلك في الخرزة العاشرة.
وأما باقي خرز الظهر وخرز القطن فاحتمل جرمها لأن تتضمن الثقب تمامها وكان في خرز القطن ثقبة يمنة وثقبة يسرة لخروج العصبة.